مجتمع - الإختلاط |2|
الإختلاط
واقعٌ وحدود
|2|
الجلسات العائلية وبلاؤها
"مَن غيري سيرعاكِ أثناء غيبة زوجكِ؟"
يقول لها ممازحًا، في سهرة بين الأصدقاء وزوجاتهم.
فتجيبه المرأة "المصون": أعرفكَ لا تقصّر!
ثم يضحك الجميع وكأن الكلام عابرٌ بهذه البساطة.
لم يعرف هذا الرجل الشهم كم أحدث من إنفعالات في نفس امرأةٍ محرّمة عليه، ولم تدرك الزوجة كم أشعلت بجوابها نيرانًا في قلب زوجها المسكين. ثم نتساءل من أين تأتي المشاكل الزوجية!
لا تأخذكَ الدهشة أخي القارئ، لأن الكلام أعلاه ليس من نسج الخيال، بل هو واقعٌ يحصل يوميًّا وإنْ بتعابير مختلفة، داخل جدران تتوسّل أصحابَها المحافظةَ عليها، وتستصرخهم ألّا يهزّوا أساساتها بهدّامة المزاح الوقح، والمفاكهة السخيفة والإختلاط غير البريء!
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): من فاكه امرأة لا يملكها، حبسه الله بكل كلمة كلّمها في الدنيا ألف عام (ثواب الأعمال والعقاب).
ولكن، هل يمكن أن تخلو جلساتنا من الدعابة! بالطبع لا، وخصوصًا حين يتعلق الأمر بإجتماع الأقارب والأرحام. فما العمل إذن؟
فالجَمعات العائلية الموسعة، أو جلسات الأصدقاء المختلطة، تتميز بغلبة الجو الحميم، فيكثر فيها المديح والمجاملة والكلام المعسول، هذا من جهة.
ومن جهة ثانية، نلاحظ أن بعض الأقارب تسقط فيما بينهم الحدود الشرعية، على قاعدة "صهري كأخي" مثلًا. فنرى بعض الأخوات يفرّطنَ بعناصر الحجاب الكامل أمام أزواج أخواتهن أو غيرهم.. ولا يلتفتن إلى طريقة كلامهن وضحكاتهن.
ولذلك يبدو هذا النوع من الإختلاط أقرب إلى المحظور.
وهنا يجب تنبيه النساء إلى حقيقة مثبتة علميًا ومغفول عنها دائمًا: أن الرجل مخلوق بصري بشدة، وحاسة النظر لديه مرتبطة بناقلات عصبية مباشرة مع الغدة المسؤولة عن عملية الإثارة، وبالتالي فإن هذه الغدة تنشط سريعا أمام أي مشهد محفز لها، كاللباس المغري أو التصرفات المائعة.
وهذا تحديدًا ما نبّهنا له المولى عز وجل بقوله :"يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)" (الأحزاب).
إذًا فالله تعالى طهّر النساء اللواتي يحافظن على الحشمة والعفة ولا يقلن إلا الكلام اللائق، وميّزهن عن باقي النساء.
وهناك جزء هام في هذه الآية، يجب عدم التغافل عنه، وهو "وقَرْن في بيوتكن"؛ فما المقصود منه، وأي تلميحات يحمل في طيّاته! تابعوا الحديث معنا في الفقرات القادمة.