العناد عند الأطفال 2
موقف تربوي
العناد عند الأطفال 2
من المهم جدًا وبهدف الوصول إلى الحلول الناجحة لأي مشكلة تربوية المرورأولاً بتحليل أسبابها، حيث ننطلق منها، نحن كأهل ومربين للمعالجة، وهنا نوردالأسباب المحتملة لاستمرار مشكلة العناد عند الأطفال حتى ما بعد الستة سنوات.
✳أسباب العناد:
قـد يكون عناد الطفل عبارة عـن رسالة يرسلها لمن حوله تعـبر عـن حالة معينةيمر بها، من الممكن أن تكون:
1 سعي الطفل لتكوين هوية شخصية مستقلة: وهو السبب التربوي الأساسالذي يجعل الطفل ما بين سن الثلاث سنوات وحتى الخمس سنوات يمارس العناد مع أهلالقرار من حوله (والديه أو حتى معلميه)، وهو كما أسلفنا سابقًا ضرورة حتمية، لكنفي حال لم تتح له فرصة الاستقلالية هذه فإن العناد هذا سيتفاقم ليصبح مشكلة تربويةيجب معالجتها.
2 تعب جسماني: يتفق أطباء الأطفال أن الحالة المزاجية للطفل قدتضطرب في حال المرض وهذا ما يلاحظه الأهل بشكل واضح على أبنائهم، إن هذا العنادليس بمشكلة تربوية إطلاقاً، إنما هو مؤشر على حالة الطفل المرضية التي ينبغيمتابعتها.
3 تعب نفسي: قد يلجأ الطفل للعناد محاولة منه لجذب انتباه الوالدينلحالة ضيق نفسي يمر بها نتيجة أحد الأسباب التالية (على سبيل المثال لا الحصر):
١- الإحساس بعدم الأهمية: يكون هذا في الغالب ناتج عن عدم التواصل الناجحمع الطفل، أو عن عدم تمضية وقت معه في اللعب، أو مشاركته اهتماماته التي تكون فيمستوى عمره والتي قد يراها الأبوين غير هامة، فيلاحظ انشغالهم عنه حيث أن توفيراحتياجاته المادية فقط غير كافي بالنسبة له، فكم نحن بحاجة إلى بناء أسلوب تواصلبيننا وبين أبنائنا، نستطيع من خلاله إفهامهم وجهات نظرنا وكذلك معاونتهم علىالتعبير عن وجهات نظرهم، فنخرج من التعبير السلبي الذي يعتبر العناد أحد أبرزوجوهه.
٢- إحساسه بأنه غير محبوب أو غير مرغوب فيه: في أغلب الأحوال يتولدلدى الطفل (وخاصة في الخمس سنوات الأولى) مثل هذا الشعور عند الاستعداد لاستقبالطفل آخر وخاصة إن كان هو أكبر إخوته، ومثل هذه الحالات تحتاج لتهيئة الطفل وإعدادهنفسياً لتقبل غياب أمه وانشغالها عنه للعناية بالطفل الصغير، حيث يعتبر أنه قداحتل مكانته، أو حتى قد تبدو المشكلة في حال كان بين إخوته من يجذب انتباه واهتمامالعائلة والمحيط بنسبة أكبر منه.
٣- شعور الطفل بتضييق الخناق عليه: قد يظن الأهل أن من العنايةالفائقة بالطفل وعدم تكليفه بالقيام بأي أعمال بمفرده (حتى لا يتعرض للخطر) بحيثيتكلف الأب والأم عمل كافة الأعمال التي من المفترض أن يقوم بها، مع مقابلته كثيراًبعبارات مثل " لا.. لا تلمس.. لا تقترب.. لا تفعل" كل هذا بدون إبداءأسباب مقبولة من وجهة نظره، بدافع حرصهم على تربيتهم بأسلوب مثالي بظنهم، مع أنالعكس هو الصحيح، فالطفل مخلوق نامي متطور يجب إن يُفسح له المجال باكرًا لتنميةقدراته وخوض التجارب التي تنمي مهاراته، وفي حال لم تتح له مثل هذه الفرص فسيبدأفي الاعتراض محاولًا فعل ما يريد بغض النظر عما يقوله أبويه. وهنا يُعبّر تربويًاعن هذه التربية بالتربية المتذمتة التي تكون فيها السيطرة المطلقة للأهل علىالطفل، بحيث لا يدعان له متنفس للعمل أو المبادرة أو التفكير أو حتى إبداء وجهاتنظره، وأحيانًا قد تكون التربية المتذمتة ناتجة عن كثرة الأوامر والنواهي المسقطةعلى الطفل من كل أفراد الأسرة (الأم والأب والجد والجدة). لذا دعونا نترك للطفلمساحة من الحرية للقيام بأعمال تنمي مهاراته وتزيد من ثقته بنفسه مثل الأكل بمفرده،غسل يديه ووجهه، تنظيف أسنانه، اختيار ملابسه، اختيار ألعابه، بهذه الطريقة يشعرالطفل أنه توجد مساحة يتحرك فيها بحريته يشبع بها حاجته في الاختيار وقدراته التياكتسبها، فنحن نبني إنسان المستقبل ولا نتعامل مع عاجز.
✳ملاحظات عامة حولالأسباب:
*قد يختلف سبب العناد من طفل لآخر، لكن من المفيد جدًا أن نحاولانطلاقًا مما ذكرنا أعلاه اكتشاف السبب الذي فاقم مشكلة العناد عند طفلنا، لننطلقمن السبب للحل.
*قد نجد طفلًا أكثر تأثرًا من بقية الأبناء ببعض الأسباب، بحيثأننا نستخدم ذات الأسلوب أو نمارس مستوى الاهتمام ذاته مع كل الأبناء لكننا نجدتفاقم مشكلة العناد عند أحدهم بنسبة أكثر من البقية، لذا يتطلب منا حرصًا أكثر علىمعاملته.
قد يكون لظهور مشكلة العناد عند طفلنا وسعينا لحلها بابًا جديدًا يساعدناعلى فهم عالم الطفل والوصول إلى المرحلة التي نحسن فيها بل ونتقن تربية أبنائنابما يحب الله فيجعلهم بحول منه وقوة من خيرة عباده الصالحين.
في الحلقة المقبلة: وقفات مع مقترحات ونصائح لحل المشكلة.