معراج الروح - المناجاة الشعبانية |2|
معراج الروح
المناجاة الشعبانية|2|
من الفقرات الجميلة في المناجاة الشعبانية، هذا التعبير البليغ للإمام علي عليه السلام، حيث يناجي ربه فيقول:
..فقد هربت إليك..
إن مفهوم الهروب إلى الله عز وجل من المفاهيم العميقة في حركة المؤمن إلى الله تعالى.
ومن المعلوم بأنه اصطلاح قرآني، فقد أمر الله عز وجل عباده بالفرار إليه {ففِرّوا إلى الله}.
إن الهروب إلى الله له ركنان أساسيان:
1. الخوف والهلع الشديد من الجهة المهروب منها (وهذا ما نحتاجه من مجاهدة النفس والكدح..).
2. الجهة المهروب إليها (الفرار إلى موجود مطمئن إلى حمايته وهو الله عز وجل).
ثم يضيف عليه السلام:
..وتعلم ما في نفسي، وتخبر حاجتي، وتعرف ضميري، ولا يخفى عليك أمر منقلبي ومثواي.
ما هو الأسلوب الأمثل للإنسان في الدعاء؟
هل من الأنسب له: - أن يُجمل في الدعاء مفوضًا أمره إلى الله عزوجل؟
- أم أن يطلب من الله تعالى طلبات كثيرة؟
الجواب:
هاتان الحالتان تردان على الإنسان الداعي، وعليه أن يختار من الحالتين ما يناسب وضعه.
فهو تارة يصل إلى حالة من الأنس الشديد بالحديث مع الرب المتعال.
وتارة أخرى يعيش حالة الافتقار المطلق والاستكانة الشديدة مما يجعله يميل إلى أن يعدد في الطلبات.
فها هو مولانا زين العابدين عليه السلام يلحّ في الدعاء إلى الله قائلاً:
"إلهِي أسْأَلُكَ بِحَقِّكَ الْـوَاجِبِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ، وَبِاسْمِكَ الْعَظِيْمِ الَّذِي أَمَرْتَ رَسُولَكَ أَنْ يُسَبِّحَكَ بِهِ، وَبِجَلاَلِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ الذِي لاَ يَبْلى وَلاَ يَتَغَيَّرُ، وَلاَ يَحُولُ وَلاَ يَفْنى، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّد وَآلِمُحَمَّد، وَأَنْ تُغْنِيَنِي عَنْ كُلِّ شَيْء بِعِبادَتِكَ، وَأَنْ تُسَلِّيَنَفْسِيْ عَنِ الدُّنْيَا بِمَخَافَتِكَ، وَأَنْ تُثْنِيَنِي بِالْكَثِيْرِ مِنْ كَرَامَتِكَ بِرَحْمَتِكَ، فَإلَيْكَ أَفِرُّ، ومِنْكَ أَخَافُ، وَبِكَ أَسْتَغِيثُ، وَإيَّاكَ أَرْجُو، وَلَكَ أَدْعُو، وَإلَيْكَ أَلْجَأُ، وَبِكَ أَثِقُ، وَإيَّاكَ أَسْتَعِينُ، وَبِكَ أُؤمِنُ، وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّل".